Ramadan is here (Holmor )
رائحته تذكر بحلول شهر الصيام
إبريق من عصير الحلو مر ودقيق الزرّيعة ومرحلة خلط طحين الزرّيعة مع قدر مساو له
من الدقيق العادي والمرحلة النهائية من مدّيد طحين الزرّيعة مع الدقيق
الحلو مر» أو «الآبري».. مشروب رمضاني سوداني النكهة والطعم واللون
ما
إن يقترب شهر رمضان من كل عام هجري، حتى تبدأ النساء السودانيات في
الانصراف في شهر رجب بشكل شبه كلي، لصناعة منتجات تستخدم في تحضير مشروبات
رمضانية سودانية خالصة الذوق والنكهة والطعم واللون، عبر عدد من المراحل
اللازمة لتحضيره.
وتتأهب النساء السودانيات لاستقبال شهر رمضان الكريم، بالتحضير لصناعة
«الحلو مر» أو «الآبري»، وهما اسمان مترادفان لمنتج سوداني خالص، ويتم
تصنيعه خصيصا كمشروب رئيسي يتسوّد مشروبات المائدة الرمضانية، حيث يطلق
رائحة مميزة أثناء إنتاجه، تنبه الكثيرين ممن هم على مقربة من موقع إنتاجه
بأنهم على أبواب شهر الصيام.
وقالت إخلاص سر الختم، ربة بيت من منطقة العويضاب بولاية الجزيرة بالسودان،
لـ«الشرق الأوسط»: «يصنع (الحلو مر) أو (الآبري) من نوع معين من الذرة،
ولكن يفضل (ود عكر)، وهو نوع من الذرة المحببة، لصناعته، وذلك لاشتماله على
نسبة كبيرة من السكر بجانب اكتسابه اللون الأسمر، وهو اللون المحبب لدى
صانعيه، علما بأن هناك (آبري) آخر وهو (أبيض) اللون ويختلف عن (الحلو مر)
في أنه أبيض اللون بجانب اختلافه عنه في الطعم والقوام والتحضير».
وتبدأ أولى مراحل تصنيع «الحلو مر»، التي تمتد لأسبوع كامل، بشراء ربة
البيت وزنا معينا من الذرة بحسب القدرة المالية والكمية المطلوبة التي تغطي
حاجتها منه طوال شهر رمضان، تتراوح بين «الملوة» إلى «الكيلة».
ووفق ميساء عبد الله، وهي ربة بيت من منطقة القصيرة بولاية الجزيرة، فإن
النساء السودانيات يبدأن بمرحلة «تزريع» أو «تنبيت» حبوب الذرة، وذلك بعد
تنظيفها وغسلها بالماء، ومن ثم تركها مبللة بالماء لمدة ثلاثة أيام، بعد
نشرها على إناء واسع «كالصينية» أو «الطبق» مثلا، وذلك بغرض تعرضها لأكبر
كمية من أشعة الشمس على مدى الأيام الثلاثة، مع تغطيته بغطاء نباتي
«كالعشر» أو قطعة نظيفة من «الخيش» أو ما يؤدي دورها، تختلف باختلاف
المناطق.
وخلال هذه الأيام، تكون الذرة قد «تزرعت» أي تم «تنبيتها» تماما، بمعنى
آخر: كونت خيوطا نباتية متشابكة بما يسمي «الزميم»، حيث تعمل النساء على فك
بعضها من بعض وعرضها للشمس مرة أخرى على مدى يومين حتى تجف، ومن ثم طحنها
في «الطاحونة»، وعلى قدر كمية الذرة المزرعة، تطحن كمية مقابلة لها من
الذرة تساويها في كميتها ولكن لا تخلط معها إلا في مرحلة مقبلة.
وبعد ذلك، يتم تحويل «طحين الذرة المزرعة» إلى عجينة بعد خلطها بكمية مقدرة
من الماء النظيف، الذي يكون في حالة غليان على النار في مرحلة طبخ، ثم
تضاف إليها في كل مرة كمية من دقيق الذرة غير المزرع ويخلط ببهارات مسحونة
تجهز خصيصا لها، أهمها عرق الجنزبيل الأبيض والجنزبيل الأحمر والحلبة
والكمون والقرفة، بالإضافة إلى مواد مسحونة أخرى كالكركديه مثلا، يكتسب منه
الرائحة واللون والطعم والفائدة الغذائية.
وتنتهي هذه العملية بما يسمى «عواسة الآبري»، فيما تسمى المرحلة نفسها
مرحلة «مدّيد الآبري» بتشديد حرف الدال الأول، وهي مرحلة مهمة تتشارك فيها
كل نساء الحي الواحد، اللاتي سوف يجدن العون نفسه عندما تأتي مرحلة كل منهن
عند صناعته، حيث يترك بعدها لمدة يومين يحدث له خلالهما «فوران» أي
«انتفاخ».
وبوصوله إلى هذه المرحلة، يكون بعدها عجين «الآبري» جاهزا لمرحلة
«العواسة»، وتعني تحضيره على النار في شكل «طرقات متوسطة السمك»، تنفذ منه
رائحة قوية ومميزة، مكتسبا اللون الأسمر المعروف به، حيث يتم وضعها بشكل
مطبق.
وتتشارك في «عواسته» نساء الحي ويتبادلن فيها الأدوار، إذ تقوم كل واحدة
منهن بـ«عواسة» ما يقارب «جردل» من العجين، وتتناول النساء خلالها الأحاديث
عن كل شيء، فيما تقوم سيدة الجلسة بتقديم مشروب لهن من أول منتج منه، يليه
كأس الشاي وفنجان من القهوة.
وبمجرد أن يجف منتج «الحلو مر»، يكون جاهزا لتحضير المشروب المعروف باسمه،
حيث يتم بله بكمية من الماء النظيف لعدد قليل من الساعات، يتحول الماء
المبلل فيه إلى مشروب «الآبري» بعد تصفيته، والمعروف بقوته ونكهته وطعمه
وخصوصيته السودانية الرمضانية، يضاف إليه كمية مقدرة من السكر، ليقدم باردا
لحظة إفطار الصائم في كؤوس.. ولا أروع.
No comments:
Post a Comment