مصعب الهادي
بعد أن أفلت شمس يوم الجمعة كان الكل قد تهيأ لاستقبال مولد فجر السبت بشغف بالولاية الشمالية ، وبالتحديد فى مدينة كريمة بـ"جبل البركل" ، وذلك من أجل إكمال مسيرة ما تم حشده من جهد فى سبيل إشراقة مهرجان البركل السياحى الأول ، بعد أيام توالت من التفاني فى العمل ، فبعد مجهوداتهم أتت الشمس حاملة بين ظهرانيها تاريخا جديدا يدوّن ، وحضارة أخرى تمتد لما احتواه تاريخ الاجداد خلال قرون سالفة مضت ، فبالمعاونة والإصرار بين أهل الشمال قاطبة كان ما أرادوا أن يكون ، وكما حلموا به منذ أن كان المهرجان فكرة أو مقترحا يأملون أن يرى النور ، كما فعلوا من ترتيبات حشدها كل أهل السودان فى براح جبل البركل .. مجمع أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية ليروا مجدداً مداداً يُسكب ليكتب فصلاً آخر من تاريخ المكان آخذا عنوانا له : (العودة إلى قمة الحضارة) كاستمرار لما حواه من قبل . كنت والعديد من النفر من مختلف ربوع الوطن شاهدا وممثلا للحدث الذى جمع فى حيزه شخصيات على مستوى العالم ، ليرفد حينها السودان كقطر جاذب على مستوى الدولة ومن ثم يحقق غاية أنّ كل أجزائه لنا وطن ، وقد يطول الحديث عن الاحتفالية ولكن إليكم بعضا من المشاهدات وإن كانت اقل من مستواها .
مدينة مروي الطبية
على حد وعده بتوفير التعليم والعلاج كانت الخطوة الأولى التى وضعها سعادة الرئيس "عمر حسن احمد البشير" بأرض مروى إيذاناً بانطلاق التنمية بالولاية الشمالية ، فعند الحادية عشرة من صباح السبت المنصرم قص سعادته شريط افتتاح مدينة مروي الطبية ، أضخم مشفى على مستوى الوطن ، لينافس بكفاءاته أعرق المشافي الطبية بالشرق الاوسط كخطوة سباقة فى سبيل توفير العديد من الخدمات لمختلف المرضى ، تأكيداً منه على توفير العلاج بالوطن دون الحاجة إلى السفر للعلاج بالخارج.
الافتتاح
بعدها أخذ الرئيس قسطا من الراحة بعد عناء السفر من الخرطوم ، لتتأهب حينها باحات جبل البركل مزينة بوشاحات مختلفة تنظر بشغف كيما تكتمل الفرحة بقص شريط المهرجان الاول ، وكان اللافت للنظر من بين تلك المشاهدات "المسرح العالمي"، الذي شيد طبقاً للمواصفات العالمية من تطور فى الإحداثيات والتقانات والتصميم الهندسي له،، كما لو أنه أراد ان يشارك في ليالي الفرح ، كذلك بدا سفح جبل البركل مختلفاً عن بقية الايام لما كساه من حلى بين جنباته والمعابد المحيطة به . كانت تلك الساعة الأخيرة قبل الافتتاح ، وعند الساعة الرابعة عصراً اجتمع الكل حول المسرح للإنصات لما سيقال .. صعد خلالها عدد من المسؤولين واللجان المشاركة تقدم معطيات عن المهرجان والوطن ، وبعد أن أعربت اللجان عن الدور الكبير الذي تناوبوا عليه فى الكشف عن تفاصيل المهرجان ، تقدم بعدها السيد الرئيس ليلقي كلمته واعتلى المنصة مخاطبا الجماهير ، وكان أبرز ما أكد عليه هو تكوين لجنة لإقامة المهرجان بصورة راتبة سنوياً .. أيضاً فمن ضمن ما ذكره إشادته بدور المهرجان الثقافي والسياحي ، ليختتم كلمته بإنشاء مدينة سياحية حرة تمثل نقطة جذب بالمدينة لتنشيط حركة السياحة بين السودان والعالم إرساءً لقواعد أقدم حضارة عرفتها البشرية ، وقد شهد الرئيس خلال حفل الافتتاح تزويج أكتر من "250" شابٍ وشابة.
وفود عالمية
شكل التمييز بأرض البركل الحضور القوى لشخصيات تمثل العديد من دول العالم المختلفة ، يتقدمها وفد الشقيقة مصر الذى ضم "50" شخصية على مستوى الاعلام والفنون من ابرزهم الممثل "سامح الصريطي" بجانب فرقة "دميك" والعديد من رجال الاعمال المصريين ، كذلك جاء ضمن الوفود الوفد الليبي والوفد القطري" الذي تضمن فرقا فنية وباحثين فى مجال التراث ورجال الاعمال والمستثمرين.
قبيلة الاعلاميين
وكان من اللافت فى المهرجان التوثيق الشامل من قبيلة الإعلاميين ، حرصاً منهم على الوطن ومنطقة البركل ، كأثر تاريخي على مستوي العالم والوطن ، ليضم الحشد الإعلامي مختلف القطاعات والوسائط ، منهم الصحفيون والمذيعين، إلى جانب ثلة من القنوات والإذاعات المحلية والعالمية لنقل الحدث .. بجانب ذلك لم يغفل دور الصحافة فى عكس الجوانب المهمة فى المهرجان لتشمل وسائطها المختلفة من "مدونات" و"كتاب رأي" والمواقع الإخبارية على شبكة الانترنت على راس وفد يضم كفاءات مقدرة من الوسط الاعلامي يقف على أمر الإشراف عليه كل من الإعلامي "خالد الباشا" والإعلامية "نسرين النمر" مدير شركة "آرت ميديا للإنتاج" كلجنة إعلامية للمهرجان ضمن لجان المهرجان المختلفة.
التأمين الشامل
الجدير بالذكر أن مهرجان البركل السياحي الاول يقف تأمينه علي مستويٍ من مختلف قطاعات القوات النظامية بالولاية الشمالية لحفظ أمن وسلامة المواطن بقيادة الفريق شرطة "عبدالرحمن حطبة" ، رئيس اللجنة العليا لمهرجان البركل الذي أكد بأن الترتيبات تسير وفق ما هو موضوع وما تم الاتفاق عليه من خطط لسلامة المواطن وتأمين المهرجان ، مؤكدا أن الهدف والمرجو من المهرجان استعادة الآثار السودانية التي تم تهريبها ، وإعادة كتابة التاريخ بشكل حقيقي وإظهار السودان السودان ببعده الثقافي المميز ، ولا نغفل الدور الذي تقوم به منظمة "الهلال الاحمر السودانية" بتوفيرها للمعينات الاساسية للحالات الطارئة.
المعارض
وفى حراك المهرجان كان التميز الذي يشعر به الزائر عند الوقوف على المعارض التى يحتويها ، ففى المعارض يكمن أس السودان بتنوع ما به من عروض ، شملت فى محتواها تراثا لمختلف القبائل على امتداد ربوع البلاد من أقاصيه ونواصي ولاياته المختلفة ، ليعرض من خلالها شكل العادات والتقاليد والموروثات للقبائل السودانية مما جعلها محط إعجاب للكثيرين خاصة الوفود الاجنبية ، وكان ما يميز تلك المعارض حركة التعريف والشرح المصاحبة من قبل مشاركي المعارض .. كانت لنا وقفة مع العديدين الذين أجمعوا خلال حديثهم على أن مهرجان البركل يمثل حالة خاصة نسبة لتاريخ المنطقة التليد، لما احتوته المنطقة خلال حقب مضت ، آملين خلالها تعميم حراك المهرجانات علي مستوي الولايات المختلفة لسد حيز الثغرات امام اي ثقافة أخرى فى إشارة إلى رتق النسيج الاجتماعي لإنسان السودان.
مشاركات
ايضاً كان اللافت خلال المهرجان المشاركات المختلفة بالفقرات المتنوعة التي حفلت بها الأيام المنصرمة ، ويأتي أبرزها مشاركة العديد من فرق "الفنون الشعبية" بجانب "الفرق التراثية" للعديد من القبائل ، بالإضافة إلى بعض من المقتطفات المسرحية ، كذلك مشاركة الفرق الاثيوبية بفواصل غنائية ورقصات من ابرزها فرقة "زهرات أديس" ، وعلي ذات الصعيد كان من أميز العروض علي المسرح فرقة الأطفال "عصافير الشمال" التي تغنت بالألحان الوطنية ، تخللتها كورالات للفرقة وإلقاءات شعرية اختتمها الفنان "على ابراهيم اللحو" فى اليوم الاول و"عبدالرحمن عبدالله وجعفر السقيد والثنائي ياسين وخنساء والشاعر مختار دفع الله ، ليحيي اليوم الثالث الفنان هشام الصحوة ، لتتنوع الفقرات خلال أيام المهرجان مابين "الندوات" و"المصارعة" و"كرة القدم" و"سباق الهجن" و"الدراجات الهوائية".
ويستمر المهرجان ..
وتستمر فعاليات المهرجان حيث يشهد اليوم الثلاثاء "ندوات" بموقع الجبل ومباراة فى كرة القدم ضمن الدورة المقامة ، لتشهد الفترة المسائية فقرات متنوعة يشارك بها كل من الفنانين "عبدالرحمن أرقي" و"عثمان عبدالعظيم" و"حافظ طه" والشاعران "محمد سفلة" و"عثمان عوض ضرار" ، ليواليها غدا الاربعاء لليوم الخامس فى الفترة النهارية "ندوات" بساحة المهرجان لتأتي فى أمسيته مشاركة الفنانين "ود المساعيد" و"معاوية المقل" و"ثنائي العامراب" و"ختمة مروي" و"إيقاعات الدليب" وفقرات شعرية لكل من الشاعر "عطا على العطا" و"شريف محجوب" . يجدر بالذكر أن الليالي التي تقام بمروي والبرقيق يشارك فيها الفنان "طارق عوض" ، ليتوالى اليوم السادس بحضور كل من الفنان "حمد الريح" و"خالد الصحافة" وفرقة حلفا ، ليخصص الخميس اليوم السابع للفرق وتشارك فيه فرقة "دينكا نواك" و"الوازا" و"القولاني" و"البرتا" و"الكيلاني" ، يعقبها فى اليوم الختامي السبت الموافق (/1312) يشهد خلالها مسابقة الدراجات الهوائية وقد خصصت الامسية الغنائية بكاملها لفنان الطمبور"محمد النصري".
No comments:
Post a Comment