أمدر الحنينة : عند أهل الشعر والمغني
مقدمة تاريخية :
أم درمان ، العاصمة الوطنية ، دولة داخل دولة والسبب بإختصار لأنها تضم كل قبائل السودان وتحوي كل أهل السودان بمختلف سحناتهم ولهجاتهم و عقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم. ومكانتها عند أهل السودان أجمعين كمكانة القلب في الجسم.
أغلب بيوتها القديمة كانت تتخذ إسلوب البناء القديم كنمط من أنماط البناء ويتناسب هذا البناء مع طبيعتها الأخاذة وطقسها علي مدار الفصول ومؤخراً بدأت علي إستحياء تواكب التطور والحداثة ونقول علي إستحياء لأن أبناء أم درمان لا يزالوا بسجيتهم التي تغلب عليها طابع البساطة والتلقائية يرفضون مبادئ التمدن والحداثة التي تُلغي كل ما هو قديم بكل إرثه وعراقته.
من أشهر المباني والمعالم التاريخية التي صارت معلماً بارزاً من معالم المدينة : قبة المهدي ، بيت الخليفة ، جامع الخليفة - مكان الإحتفال بالمولد حالياً - الطوابي التي كانت تمثل سور للمدينة بكاملها علي إمتداد مساحتها الجغرافية حينها ولديها بوابة واحدة سميت علي حارسها عبد القيوم ، سجن الساير ، الجامع الكبير ، البوستة ، المستشفي أو الإستبالية كما يقول أهل أم درمان
السوق الكبير وسمي بذلك لأنه يضم أسواقاً شتي داخل سوق واحد
فتجد فيه سوق الصاغة ، سوق الخضار ، زنك اللحمة ، سوق الطيور ، سوق العيش ، سوق الأناتيك والمصنوعات الجلدية والمشغولات اليدوية ، سوق الأقمشة ، سوق العطور والريحة ، سوق البهارات والتوابل.
وأيضاً من المباني والمعالم الشهيرة مبني البرلمان - المجلس الوطني حالياً - ، مبني البلدية بساعته المشهورة ، قصر الشباب والأطفال ، السينما الوطنية ، دار الرياضة ، إستادات أندية القمة : الهلال والمريخ والموردة، سوق السمك ، مبني الإذاعة ، مبني التلفزيون والمسرح القومي.
وأجهزة الجيش والشرطة لديها بعض الوحدات العسكرية بإمدرمان : السلاح الطبي ، سلاح المهندسين ، الكلية الحربية - مصنع الرجال وعرين الأبطال - وشرطة السواري.
إذا نظرت إلي تسمية أحياء أمدرمان القديمة فستجد تباين في أصل التسمية وهنا بعض الأمثلة
بعض أحياء أمدرمان القديمة مسماة علي بعض قادة المهدية : حي ودنوباوي ، حي أبوعنجة ، حي أبو روف ، حي أبو كدوك.
أو مسماة علي الفرق والتجريدات والكتائب والدواوين التي شكلها خليفة المهدي في عهده : حي الملازمين ، حي الأمراء ، حي العرضة ، حي بيت المال ، حي بيت الأمانة.
وبعض الأحياء تسمت علي أغلبية قاطنيها نسبة لإصولهم : حي العرب.
والتعايش السلمي والإجتماعي رغم إختلاف الدين والعقيدة بين المسلمين والمسيحيين - فئة الأقباط - موجود في كل أحياء أمدرمان عامة لكن بصفة خاصة لا تخطئها العين ممثل في حي المسالمة.
وبعض الأحياء تسمت علي بعض شيوخ الدين والطرق الصوفية : حي السيد المكي - مكي ود عروسة - ، حي الهاشماب ، حي ود أرو ، أو علي الزعماء السياسيين : حي أزهري ، حي عبد الله خليل أو علي بعض شيوخ الحارات - أيام الحكم الإنجليزي - : حي العمدة.
ولعل وجود الإذاعة والتلفزيون بإمدرمان هو أحد الأسباب التي جعلت الشعراء والفنانين يكتبون ويغنون للعروسة أمدرمان
ومعظم هذه الأشعار التي تحكي عن أمدرمان وتمجدها خرجت من دور الإذاعة أو التلفزيون أو خرجت من قهاوي أمدرمان القديمة : قهوة يوسف الفكي ، قهوة جورج مشرقي وتلك الأمكنة كانت في أيامها ملتقي للشعراء والفنانين والأدباء والمثقفين
وإن كانت معظم روايات الأديب المصري نجيب محفوظ كتبها وهو يخالط الناس في مقاهي مصر : قهوة الفيشاوي وقهوة عرابي بالقاهرة القديمة وقهوة بيترو بالأسكندرية وغالبية قصص هذه الروايات مستوحاة من الحارات المصرية القديمة - أمكنة وأشخاصاً - فإن معظم الأشعار والأغاني السودانية كتبت ونظمت ولُحنت في قهاوي أمدرمان القديمة.
المقدمة أعلاها وعلي طولها إلا إنها مهمة وسردتها ليأخذ القارئ فكرة متكاملة حينما يقرأ الأشعار التي كُتبت عن أمدرمان.
وفي إعتقادي أن أحلي ما قيل عن أمدرمان من كلمات وشعر ، قصيدة ( أنا أم درمان ) كلمات الشاعر : عبد الله محمد زين وغناء الفنان : الأمين البنا
أنا أم دُرمـــــان .. أنا الســـودان
أنا الدر البزيــن بــــــلدي
أنا البرعـَـــاك ســـلام و أمــــان
و أنـا البفــداك يــا ولــــــدي
أنـا أم درمـَــان لِسـَـــان حالـــك أريتــــك تدري بي حـَـــالي
أنـا الــقــــدرت أحــــــــوالــــك
و حبــــك بـــــدري أوحي لي
أقـــــــوم بـــي أعــــظـم الأدوار
و أكــــون الساحة للثـــوار
وأبــقى البقعة للأحــــــــرار
و أمثــــــل عــــزة الســودان
أنـا أم درمــــان ســـليلة السـيل قسـمت الليـــل و بـنتَ صبـاح
أنـا الولــــدوني بـالتــــهليـــــل وهلـــت فــوقي غابــة رمــــاح
أنـا الطـابيـــة المقـابلة النيـل
وأنـا العـافيــة البشـــد الحيــــــل
وأنـا القبـــة البتـــضـوي الليـل وتـهدي النـاس ســلام و أمــــان
أنــا أم درمـــــان أنــا الأمــــة
و صــــوت الأمـــــة و إحســاســها
وأنـا التأسيـســـــها بـي تـــــــم
و أنـــا اللــميـت شتــات ناســــــها
مزجـــــت شمالــــــها بجنــوبها
و سكــبت شــروقــــــها في غــروبها
و زرعت الطيبــة في دروبــها
و طابــت عـــزة للأوطــــــــــــــان
ورائعة الشاعر الراحل : عبد المنعم عبد الحي ( أنا أم درمان ) التي تغني بها الفنان الراحل : أحمد المصطفي
أنا ام درمان تأمل في ربوعي
أنا السودان تمثل في نجوعي
أنا ابن الشمال سكنته قلبي
على ابن الجنوب ضميت ضلوعي
أنا ام درمان سلوا النيلين عني
وعن عزمات فتاى عند التجني
فخير بنيك يا سودان مني
سلوا الحادي سلوا الشادي المغني
وحين ننظر في رائعة الشاعر : محمد حسن القاسم ( أمدر يا حبيبة ) التي تغني بها الفنان الشاب : طه سليمان ، نجد أن القصيدة وثقت بالإسم لغالبية أحياء أم درمان القديمة
أمدر يا حبيبة يا غُناء يا قصيد
ناس مليانة طيبة وقلوب مليانة ريد
والقصيدة فيها شبه ومجاراة لقصيدة الشاعر : فيصل سليمان ( شوق أمدر ) لأنه أيضاً ذكر فيها أسماء غالبية أحياء أم درمان القديمة
ليك يا ام در كتلني الشوق
شوق والله تب ما بروق
شوق عاشق صبح ولهان
سنين ما قابل المعشوق
شوق ولداً قدر ما هجى
سافر في غروب وشروق
ما شاف زي جمال نيلك
ولا زي مويتو شرب الروق
ويقول في خاتمتها
متين العودة ليك يا ام در
متين الحظ يعود ليا
واعود اتنسم انفاسك
واقيم افراح وعيدية
وكلمات خاتمة القصيدة أعلاه مشابهة لكلمات قصيدة الشاعر : عمر البنا
إمتي أرجع لي أمدر وأعودها
وأشوف نعيم دنيتي وسعودها
وعند الشاعر الراحل : خليل فرح ، الخبر اليقين إذ يقول في قصيدته المشهورة ( ما هو عارف قدمو المفارق)
ويح قلبي ألما إنفك خـافق
فارق أم درمان باكي شافق
ياأم قبايل ما فيـــك منافق
سقى أرضك صوب الغمـام
في يمين النيل حيث سابق
كنا فوق أعراف السـوابق
الضريح الفاح طيبه عابق
السلام يا المهدي الإمــام
وفي قصيدة الشاعر الراحل : أحمد الرباطابي ( من أمدر ) والتي تغنت بها فرقة عقد الجلاد ، تجسيداً مبكراً للوحدة الوطنية بمعانيها السامية
من أمدر يا ربوع سودانا
نحيك وإنت كل أمالنا
في غربك عروس الرمال
وفي شرقك أية جمال
في جنوبك واسع مجال
يا حلاة رطبك في الشمال
ونختم بقصيدة ( أحكي وأقول فيك يا أم درمان ) والتي تغني بها الفنان : صلاح مصطفي
أحكي وأقول فيك يا أم درمان
يا أمنا يا أهلنا يا غرة السودان
أصيلة حنينة يا أمدرمان
جمعت الناس وكل الناس
يا إلهام يا إحساس
آخر القول
قال الشاعر ، الأستاذ : سيف الدين الدسوقي
ومن لم تكن أمدر له سكناً
فلماذا يتكلم وبماذا يتباهي
الفرجوني وسمية حسن
انا السودان
No comments:
Post a Comment