الخرطوم بحري ( باللغة الإنجليزية وما يرادف ذلك باللغات الأخرى الأجنبية Khartoum North ) وتُعرف اختصاراً لدى السكان المحليين ببحري، مدينة تقع إلى الشمال من الخرطوم، ضمن المثلث الحضري الذي تتكون منه العاصمة المثلثة السودانية، إلى جانب كل من مدينة الخرطوم التي تقع في جنوبها ، ومدينة أم درمان وتقع في غربها. وهي أصغر منهما من ناحية السكان والمساحة وأحدثها تاريخياً، ولكنها لا تقل منهما أهمية، حيث تتركز فيها الصناعة وتجعلها واحدة من أكبر المناطق الصناعية في السودان. وهي أيضاً نقطة وصل مهمة تربط العاصمة بشمال السودان عبر السكك الحديدية وجنوبه حتى منطقة كوستي ودولة جنوب السودان بالبواخر النيلية ، كما أنها مدينة سياحية راقية تؤمها الزوارق و اليخوت، فضلاً عن دورها في تنشيط الحركة الصوفية من خلال الأضرحة والقباب لأقطاب المتصوفة في السودان.
أماالخرطوم بحري كمحلية فهي ذات رقعة جغرافية واسعة تمتد شمالا حتى قري وشلال السبلوقة مع حدودولاية نهر النيل على طول نهر النيل من مناطق الكدرو، وابوحليمة، والسروجية، والخوجلاب، وحلة الفكى هاشم، إضافة إلي قرية الجعليين، والخليلة، والكباشى، والسقاى، والتمنيات، والجيلى، واو سى، وود رملي، والنخيلة، و(التكينة ودعتمان)، ودبك، والسليت، و(قلعة مالك)، بالإضافة إلى قُرى قرّي وهي(الشايقية والحواويت والغار). وتحدها من الناحية الشرقية محلية شرق النيل (الحاج يوسف)، ومن الناحية الغربية محليتي أم درمان و كرري حيث يفصلها منهما نهر النيل.
الموقع والمساحة
جغرافياً، تقع مدينة الخرطوم بحري بين خطي عرض 8 درجة – 15 و (45 درجة - 16 شمالاً وخطي طول (36 درجة – 31 درجة) و(25 درجة – 34 درجة) شرقاً، وتمتد حدودها من شاطيء النيل الأزرق جنوباً وحتى منطقة قري على حدود ولاية نهر النيل من ناحية الشمال، وتحدها من جهة الشرق محلية شرق النيل عند القنطرة، ومن الغرب مجرى نهر النيل بعد التقاء رافديه في المقرن. وتبلغ مساحتها 5060 كيلو متر مربع وهي بذلك تغطي ربع مساحة ولاية الخرطوم.
التاريخ
تاريخ الخرطوم بحري تاريخ قصير كما يبدو ولكنه حافل بالأحداث. فقد كانت المنطقة المعروفة الآن باسم الخرطوم بحري تتكون إبان العهد التركي وعهد المهدية من بضعة منازل تقليدية منتشرة حول ضريحينلشيخين من شيوخ الصوفية في السودان ، وهما الشيخ حمد ود أم مريوم والشيخ خوجلي عبد الرحمن. وتزايد عدد القاطنين حولهما لتبرز في الفترة ما بين القرن السابع عشر والثامن عشر قريتين إحداهما هي "حلة حمد " والأخرى "حلة خوجلي" (والحلة لفظ عربي يطلق على المكان الذي يحل فيه الناس ويقيمون) وتطورت في الفترة ذاتها وفي المكان نفسه قريتان أخريان هما قرية شمبات وقرية الصباني. وفي مطلع القرن الماضي وصل خط السكك الحديدية الذي أنشأه لورد كيتشنر إبان الحملة البريطانية - المصرية لإستعادة حكم السودانمن المهدية، أكتسبت المنطقة أهمية كبرى وتم ربطها مع الخرطوم من خلال بناء جسر يمر فوقه خط السكك الحديدية والمركبات والدواب والناس، وإزدادت أهميتها عندما تم فيها توزيع الأراضي الزراعية القريبة مننهر النيل الأزرق قبالة الخرطوم على مزارعين من غير السودانيين كالمصريين الأقباط و السوريين واللبنانيين وغيرهم، فأقاموا مزارع وبساتين تمد العاصمة بحاجتها من الخضر و الفواكه و الألبان ومن تلك المزارع مزرعة كافوري الشهيرة في شرق المدينة. استقرت هذه الأسر والعائلات في المنطقة حتى تكونت جالية كبيرة، يضاف إليها مجموعة من موظفي الحكومة والحرفيين والتجار الذي اختاروا المنطقة التي اصبح أسمها الخرطوم بحرى وأقاموا في حي اطلقوا عليه اسم حي الأملاك الذي اصبح فيما بعد واحد من أجمل احياء المدينة .
وشهدت المدينة تطوراً كبيراً عندما قرر الحكم الثنائي تشييد سجن عمومي كبير فيها بالقرب من شاطيء نهرالنيل الأزرق عرف بإسم سجن كوبر Cooper والذي حُجز فيه العديد من الشخصيات التي ثارت ضد الحكم الثنائي ونادت بتصفية الاستعمار آنذاك وابرزهم اعضاء جمعية اللواءالأبيض، كما كانت تجرى فيه احكام اعدام الجناة والسياسيين. كذلك أقام البريطانيون في الخرطوم بحري مصلحة المخازن والمهمات وهي المسؤولة عن صناعة الأجهزة والمعدات والأدوات والأثاث والملابس التي تستخدم في كافة مصالح الحكومةالدولة مثل المدارس و الجامعات و الجيش و الشرطة ، وتخزبن تلك اللوجستيات وتوزيعها. كما تم إنشاء مصلحة النقل الميكانيكي وكانت مسؤولة من استيراد السيارات الحكومية واعدادها وصيانتها وتوفير فطع الغيار لها وتزويدها بالوقود وغيرها من مواد المحركات. وحظيت الخرطوم بحري أيضاً بإنشاء مصلحة الوابورات أو النقل الميكانيكي أو النقل النهري .وكانت تملك البواخر النيلية وتسيطر على الخط النهري إلى الجنوب إنطلاقاً من مينائها النهري الرئيسي ويسمى الأسكلة . وقد أحدثت هذه المصالح الثلاث نقلة حضارية كبيرة ليس في الخرطوم بحري فحسب بل في السودان حيث دخلت السودان الآلات الميكانيكية كالسيارات والبواخر لتحل محل الدواب في النقل والتنقل براً والقوارب بحراً. كما أتاحت للسودانيين فرص التدريب على تلك الآلات والمعدات . أما بالنسبة للخرطوم بحري فقد توسعت المدينة من حيث العمران الذي صاحب هذه المؤسسات كالمكاتب والمخازن ومنازل الموظفين والعمال فضلاً عن استقبالها للمسافرين والمستخدمين لما تقدمه هذه المؤسسات من خدمات.
وفي عام 1921 م، تم تأسيس بلدية في الخرطوم بحري إسوة بكل من الخرطوم و أم درمان وبذلك أصبح لبحري إدارتها المحلية الخاصة بها. كما شهدت المدينة توسعاً في امتدادات أحيائها السكنية. واقيمت في المدينة منطقة صناعية كبيرة تضم مصانع للصناعات الخفيفة كالصابون والزيوت والحلويات والأدوات المنزلية والملابس . وقد اتخذتها طائفة الختمية الصوفية و ما يتبع لها مؤسسات سياسية مقراً رئيسياً لها . وظلت الخرطوم بحري بعيدة إلى حد ما عن الأجواء السياسية في العاصمة بإستثناء سجن كوبر الذي كانت أية حكومة جديدة تنقل إليه معارضيها السياسيين، حتى برزت عندما هزتها صواريخ كروز أمريكية دكت مصنع الشفاء للأدوية بالمنطقة الصناعية كرد من جانب الولايات المتحدة على التفجيرات الدامية التي تعرضت لهاسفارتيها في دار السلام و نيروبي بإعتبار أن المصنع كان له صلة بالمتهم الأول في التفجيرات بن لادن
https://youtu.be/I0jqCHUxJt0
No comments:
Post a Comment