من هم سكان كيميت " مصر القديمة " الأصليين ؟، من أين أتوا ؟ [2]
ثالث الأدلة ما أورده هيرودوت أيضاً في كتابه عن مصر، عن قصة الكلوخيين في جورجيا، حيث يقول أنهم من المصريين لأنهم سمر أو لونهم أسود وهذا يعني ضمناً أن المصريين في عين هيرودوت هم من السود ويدلل على ذلك بأنهم يمارسون عادة كيمتية كوشية وهي الختان:
{ وعلى ذلك، سوف لا أتحدث عنهم، وسآتي على ذكر الملك الذي خلفهم وكان يدعى " سيزوستريس ". روى الكهنة أنه أقلع أولاً من الخليج العربي بسفن حربية، وأخضع السكان على سواحل بحر أروتري، ثم واصل الإبحار حتى بلغ المنطقة التي لم التي لم يعد عندها البحر صالحاً للملاحة لضحالته. ولما عاد بعدئذ إلى مصر أعد ـ وفقاً لرواية الكهنة ـ جيشاً جراراً، واخترق القارة، وأخضع الشعوب التي كانت في طريقه. وكان إذا صادف منهم شعوباً باسلة، تُقاتل بعنف من أجل حريتها أقام ببلادهم أعمدة عليها نقوش تنطق باسمه ووطنه، وتبين كيف أنه أخضعهم بالقوة، وعند وعند هؤلاء الذين لن تقاوم مدنهم واستولى عليها في سهولة، نقش على الأعمدة نفس ما نقشه عند الأمم الباسلة، وأضاف إلى ذلك نقشاً يصور عورة المرأة، رغبة منه في أن يبرهن بذلك على جبنهم.
وبعمله هذا، عبر القارة واجتاز آسيه إلى أوروبا، وأخضع " السيكثيين " و " الثراقيين ". ويخيّل إلىّ أم هذين الإقليمين هما أقصى ما وصل إليه الجيش المصري، إذ أن الأعمدة ما تزال قائمة بها. ولكن لا يرى لها أثر أبعد من ذلك. ومن هناك دار على عقبه ورجع. وليس بإمكاني أن أتكلم بدقة عما تم بعدئذ عندما بلغ نهر " فاسيس ". أفصل الملك " سيزوستريس " نفسه جزءاً من جيشه وتركه هناك لاستعمار الديار، أم أن طائفة من الجنود ـ وقد أنهكها السير ـ بقيت بمحض إرادتها على ضفاف " نهر فاسيس ".
إذ أن من الواضح أن " الكلوخيين " مصريون. ولقد ذهبت شخصياً إلى هذا الرأي الذي أعلنه قبل أن أسمع به من الغير. ولما خطر هذا الموضوع ببالي، استجوبت كلاً من الشعبين وأدركت أن أن تذكر " الكلوخيين " المصريين أقوى من تذكر هؤلاء إياهم. هذا، مع طائفة من المصريين صرحت لي بأنها تعتبر " الكلوخيين " بعضاً من جيش " سيزوستريس ". ولقد خمنت ذلك بنفسي، لأن " الكلوخيين " سود البشرة، جعد الشعر. ( ولكن ذلك لا يؤدي في الحقيقة إلى دليل ما لأن غيرهم من الناس لهم هذه الأوصاف ). وإنما يؤيدني علاوة على ذلك أنهم وحدهم مع الأثيوبيين والمصريين ( وهذا دليل أقوى ) يمارسون دون سائر البشر عادة الختان منذ البداية. إذ أن الفينيقيين والسوريين بفلسطين أنفسهم يعترفون بأنهم أخذوا هذه العادة عن المصريين. أما السوريون الذين يقطنون على ضفاف نهر " ثرمودون " و " بارثينيوس " و " الماكرونيون " الذين يجاورونهم، فيقولون إنهم تعلموها حديثاً من " الكلوخيين ". وهؤلاء وحدهم الذين يعرفون الختان. ويظهر أنهم يمارسونه كما يمارسه المصريون تماماً. وأما فيما يتعلق بالأثيوبيين والمصريين، فلا أستطيع أن أقول أي الشعبين أخذ هذه العادة عن الآخر. إذ الظاهر أنها عادة قديمة عندهم. أما أن الشعوب قد تعلمتها من اختلاطها بالمصريين، فبرهاني على ذلك ساطع، لأن الذين يختلطون باليونانيين من الفينيقيين لا يقلدون المصريين فيما يختص بأعضاء التناسل، بل يتركون ذريتهم بلا ختان. }
ورابع الأدلة هو ما جاء في نشيد الإنشاد من الكتاب المقدس على لسان زوجة الملك سليمان " النبي " وهي ابنة فرعون مصر، والتي نفهم منها أنها سوداء وبالتالي عائلتها، وكذلك شعب مصر، في ذلك الوقت في عيون الشعوب الأخرى مثل بني إسرائيل:
" أنا سـوداء وجميلـة يا بنـات أورشـليم كخيـام قيدار كشـقق سـليمان لا تنظرن إلي لكوني سوداء لأن الشمس قد لوحتني .. ماذا ترون في شـولميت "
وخامس الأدلة هو جاء في كتاب أميانوس ماركيلينوس " أمينوس ماركلينوس في مصر "، وهو مؤرخ روماني من القرن الرابع للميلاد، ـ رغم شهادته المتأخرة ـ التي أتت بعد التغييرات الديموغرافية الجذرية التي حدثت في كيميت " مصر "، عبر قرون طويلة قبل عهده ( فما بالك بما حدث من قبله ) عن طريق الغزو والاستطيطان، كما سنفصّل لاحقاً:
" أما أهل مصر ففي الأعم سمر وسود وأميّل إلى التجهم، نحاف أشداء، سريعو الغضب في كل أطوارهم مشاكسون وشديدو المثابرة. وإن الواحد منهم ليحمر خجلاً إن لم يكشف عن آثار كثيرة للسياط على جسمه بعد أن يرفض دفع الضرائب ولم يتمكن الناس إلى الآن من معرفة ضرب من ضروب التعذيب يكفي لأن يضطر لصاً عاتياً من لصوص هذه البلاد لأن يدلي قسراً باسمه.
ومن الحقائق المعروفة كما يتبين من الحوليات القديمة أن مصر كلها كانت فيما مضى خاضعة لملوك من أجدادهم. المصريين. ولكن بعد أن هُزم أنطونيوس وكليوباتره في موقعة بحرية عند أكتيوم وقعت مصر في حوزة أكتافيوس أغسطس وأصبحت ولاية رومانية. وقد حصلنا على ليبيا الجافة بمقتضى وصية الملك أبيون وأخذنا قورينة مع سائر مدن بنتابوليس الليبية بفضل أريحية بطليموس. "
No comments:
Post a Comment