(استيبلا( نجمة الصباح..
شهادة الوطن الجريح.. أسكن الحقائب وأمر بالمطارات بين وطنيين مازالا في قلبي وطنا واحداً
نشرت يوم 24 فبراير 2014
التغيير: خاص
" دعوني استعين بشعر امل دنقل عندما قال : مصفوفة حقائبي على رفوف الذاكرة ، لو بالامكان اعادة تعريف تلك الرقعة الجغرافيا التي بها عدد من المجتمعات بينهم روابط مشتركة ، هل هذا هو الوطن ؟ وطني الان عدة رقعات من الارض يسكنها عدد من السكان بينهم روابط مشتركة ولكن بعضهم ينكرونها لا يحبون اظهارها ،
الوطن عندي فراغ في الذاكرة ملئ بالحروب والنزوح والتشرد ، قتل ودمار ، قذائف وطائرات تحصد الموتى دون كلل ، دماء وكلاب وصقور تاكل الجثث ، رعب وجوع وقبور جماعية ، مخيمات ولجوء ، وطني جيفة يتكالب عليها المنظمات الانسانية والاممية ، يطأ اراضيها جنود غرباء بعدة الوان من القبعات ، حمراء وزرقاء وخضراء ولا يتحدثون لغاتنا ، وطني قتال دائم بين الاخوة تحت داعوي عديدة مرة باسم الدين واخرى باسم الهوية تتعدد الاسماء والحرب واحدة ، هذا هو وطني كان ومايزال ، كيف ان يقيم الانسان في وطنه وحقائبه معدة للرحيل ، منذ الانفصال وانا اسكن الحقائب وامر بالمطارات عدة مرات في السنة بين وطنيين مازالا في قلبي وطنا واحداً ، وطن احن اليه وآخر اتعرف عليه لاكسر حاجز الغربة بيني وبينه ، الوطن عندي هو حب من اتجاه واحد ، والوطن عندي حلم بعيد المنال" تلك كانت شهادة قدمتها الكاتبة المبدعة استيلا قايتانو و كتبتها بحروف من الألم، والدموع حول واقعنا الحالي خلال مشاركتها في مراسيم جائرة الأديب العالمي الطيب صالح، في الخرطوم الأسبوع الماضي، وخصت استيلا " التغيير" بشهادتها التي بثتها بعض القنوات التلفزيونية مباشرةً بعد أن شدت أنفاس الحضور بكلماتها الأنيقة وطلتها الجريئة، وسط تصفيق حار من الحضور من الأدباء والكتاب والضيوف ، وتحدثت استيلا خلال كلمتها الشهيرة أو شهادتها الجريئة التي نتشرف بنشرها" عن حياتها وميلادها في الخرطوم وكشفت أن اسمها يعني " نجمة الصباح" ، فيما تحدثت عن معاناة النزوح وصعاب النساء في المعسكرات وما يلاقينه من الشرطة خلال تواجدهن في الخرطوم، مثلما تحدتث عن سر تمسكها للكتابة باللغة العربية، وما واجهته أحياناً من تساؤلات من بعض المتحدثين باللغة الإنجليزية في جنوب السودان، وواصلت في شهادتها عن الوطن قائلةً " جرح لا يكف عن النزيف ، ياليتني كنت ممتلئة بتلك الطاقة الايجابية التي حشدت اهلي ذات يوم ليقفوا في صفوف الاستفتاء للتصويت للانفصال من اجل تحقيق حلم الوطن الذي كان يرادهم ويسعهم ويحسسهم بالتحرر ، يا ليتني كنت متسلحة بوعي يغبشه الكثير من الظلال والاكاذيب واللتضحيات ، ياليتني كنت مؤمنة بان خوض الحروب هي الطريق الاقصر لقول لا ! ثم ناتي ونجلس بعد كم هائل من الخسائر والهزائم ونفاوض تحت الضغوط الدولية والاقليمية ، كم هي مرهقة اديس ابابا بانهياراتنا التفاوضية . لقد تحرر قومي من الشمال ولكن مازال البعض منهم عاجزون عن تحرير انفسهم من عيوبهم والتي كانت متدثرة تحت جلباب الشمال ، وكان الشمال يتحمل كل تلك الاوزار والاخفاقات والفشل وهناك من يتلذذون بذات المبررات حتى الان .. وطني شاهد على ان ابطال الامس قد يتحولون بين ليلة وضحاها الى مجرد اناس عاديين يستطيعون سرقة المال العام والخوض في الفساد والبزخ والترف خوض الحرب وقتل الالاف للحفاظ على الامتيازات بينما مازال الكثير ممن قيل لهم بالامس بان هذه الحرب من اجلهم وكل التضحيات الجسام في الارواح من اجل وطن ووضع افضل يسحقهم الجوع والمرض والجهل بينما تتبختر اغلى سيارات العالم في شوارع جوبا الخربة ، التقاء مدوي بين الحلم والحقيقة ، بين الواقع والمتوقع ، دائما هناك الف مبرر لخوض الحرب وبينما لا يستطعون ايجاد سببا واحدا لاستتباب الامن والسلام من اجل الغلابة"
تابع كلمة استيلا كاملةً في المقالات في المقالات
استيلا. شهادة للتاريخ و أقوال شاهد اثبات على محنة الوطن الجريح في الشمال والجنوب
استيلا قايتانو
سلام بقدر ما في هذه البلاد من جمال ، ورحمة بقدر ما في هذه البلاد من تعب ، وبركات بقدر ما في نفوس الناس من طيبة وسماحة .
اسمي استيلا قايتانو جنيشس .. اسمى يعني نجمة الصباح قال ابي عندما ولدت في فجر احدى الايام كانت هناك كوكبة تلمع في السماء حينها قال هذه استيلا وهو اسم ايطالي . اما هو ابي قايتانو اعتذر له لان الكثيرين ينطقون اسمه خطأ او حتى يكتب خطاء ولم يسلم حتى كتابي الاول من ذاك الخطاء .. ساعات اتحمس لتصحيحه وساعات اتركه .. على اية حال هو ليس اسمي . اما اسم جدي فهو الخطاء عينه وهو اكبر دليل على ان السودانيين لا يجيدون نطق اسمائهم ولا كتابتها ، فجنيشس هذا هو في الاصل جيمس ولان الكتبة الذين يجلسون في بوابات مكاتب الجوزات والهجرة في ذاك الوقت لم يركزوا مع ابي وكتبوا اسمه دون ان يسمعوه جيدا وتحول جيمس الى جنيشس ودمغ هذا الاسم في شهادات ميلادنا وشهاداتنا السودانية والجامعية ليصبح خطاء متعمد نرتكبه بدقة شديدة لان اي تغيير يعني التشكيك في كل اوراقنا الثبوتية .. حتى عندما عدنا للجنوب حملنا هذا الخطاء معنا كتذكار عصي على المحي من دولة السودان الام .
الميلاد والنشئة : ولدت ونشأت في الخرطوم بحري المزاد ، نشأت وترعرت في الحاج يوسف بالتحديد الوحدة سوق 6 ، عوالم الهامش والحاج يوسف يشبه الكثير من البيئات التي تطوق العاصمة القومية ، احياء احتضت النازحين بسبب الحروب او المتساقتون من ركب المدينة الصاروخي ، او لجاذبية المدن وتوفر الخدمات فيها .
جامعة الخرطوم : اشكر الصدفة التي ساقتني الى هذه الجامعة ، هناك درست الصيدلة وقابلت اعز الاصدقاء اصدقاء كالارض لا يخزلونك ابداً ، وتعثرت بالكتاب والشعراء والنقاد والسياسين والذين لهم الفضل ميلاد استيلا فشكراً جميلاً لهم .
الحالة الاجتماعية : متزوجة وام لطفلين وكتاب ومقالات ممتلئة بهذيانات مذبوحة .
الامنية : كنت اتمنى ان اصبح فتاة طويلة .. ولكن كانت صديقتي خنساء الطيب تقول لي دائما .. يعني هسي انتي مقصرة حكمتو بالغة .
اظننا نحن السودانيين نحب ان نعرف من اين ذاك الشخص بالضبط بحسن نية او سوءه ، لذا رغم تيه البعض في انتمائي وصعوبة تحديد مسقط رأسي بسبب قصر القامة وتوهان الملامح وفصاحة القلم واللسان الا كان يتم تقديمي بالكاتبة الجنوبية التي تكتب بالعربية كنت اغتاظ جدا ولكني وجدت بان هناك الكثير من المبدعين يتعاملون مع هذه الانتماءات البسيطة بغرض التعريف ليس الا لذا تصالحت مع الامر كما تصالح مبدعونا الذين ذكرتهم سابقاً تضيق انتمائهم في حين انهم يتمددون بطول قامتهم على ارض المليون ميل ومحنة يدخلون البيوتات الحزينة بدون استئذان ويحطمون السياجات ويملأون الساحات بالجمال يشتلون السماحة والفكرة والمحبة لخلق وجدان سليم .. لا بامر السلطات ولكن باملاء من انسانيتهم المتجاوزة للانتماءات الضيقة ، بما ان كان يتم تقديمي بـ ( الكاتبة الجنوبية التي تكتب بالعربية ) ولقد اصبح هذا واقع الان وحقيقة لا يمكن التحايل عليه كما السابق فالكتابة باللغة العربية قد ميزتني لان في تلك الفترة لم يكن من المألوف ان يكتب كاتب ينتمي الى جنوب السودان باللغة العربية ، اغلبهم يكتبون باللغة الانجليزية وفي غياب شبه تام للترجمة لم تنتشر اعمالهم في الجزء الشمالي من البلاد ، لذا حاولت ان اكتب باللغة التي يجيدها الاغلبية ، حتى يسهل التواصل بيني والاخرين ، صفة الكتابة بالعربية كما ادهش بعض الكتاب والنقاد هنا قد استفزت احد كتاب الانجليزية في الجنوب ، وذلك عندما زارنا وفد من جامعة ايوا الامريكية في جوبا وهم اساتذة يهتمون بالكتابة الابداعية لدرجة دراستها في الجامعات بعد ان عرفت نفسي اضفت باني اكتب بالعربية فقال لي احد كتاب الانجليزية الذي استفزه الامر
واشعر باني مستلبة نحو العروبة : ماذا تريدين من هذه اللغة فهي ليست لغتك لتكتبي بها !؟ فقلت له اريد الشئ نفسه التي تنشده انت فانت تكتب بالانجليزية وهي ايضاً ليست لغتك ؟ اعتقد باننا الكتاب يجب الا نفكر بهذه الطريقة ولكن يبدو ان السياسة نفثت سمومها على الجميع لدرجة تورط بعض المثقفين لخدمة تلك لاجندة ، ولكن اثناء العشاء اقترب مني الروائي والشاعر البروفسيور تعبان لولينق ورمى هذه الكلمات في اذني : كوني كذلك الكاتبة الجنوبية الوحيدة التي تكتب بالعربية .. هذه ميزة ولا تتخلي عنها ابدا .
No comments:
Post a Comment